ويقول الإمام ابن القيم في سياق ذكر أنواع الشرك:«ومن أنواعه: طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم؛ فإن الميت قد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، فضلًا عمن استغاث به وسأله قضاء حاجته، أو سأله أن يشفع له إلى الله فيها»(١).
وبهذا يظهر أن الاستشفاع بالنبِي ﷺ بعد موته من الشرك؛ لدخوله في عموم دعاء مَنْ لا يقدر، ومَن لا يستطيع الاستجابة لداعيه، وهذا هو حقيقة الشرك الأكبر الذي انصرف به المشركون عن عبادة الله إلى عبادة غيره، وبه يتبين بطلان دعوى المالكي في التفريق بين سؤاله الشفاعة بعد موته، وسؤاله المغفرة، وتشنيعه على علماء هذه البلاد في ذلك.
٢ - يقول المالكي في (ص ١٧): «الدرس الثامن: محمد رسول الله ﷺ، أنزل الله عليه القرآن الكريم يدعو إلى عبادة الله وحده وترك عبادة غيره، ولم يقل المقرر:(وترك عبادة الأصنام)، وهذا من الدس التكفيري الذي سيفسر في مراحل لاحقة بأن غيرنا من المسلمين يعبدون القبور والأولياء والصالحين، وأن المقلدين من أتباع المذاهب الأربعة يعبدون علماءهم ويتخذونهم أربابًا، وأن الفقه هو عين الشرك، وغير ذلك».
وجوابه:
أما قوله:«لم يقل المقرر: وترك عبادة الأصنام، وهذا من الدس التكفيري».
فهذا من جهله بِحقيقة الشرك، وظنه أن الشرك محصور في عبادة الأصنام،