للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما كون بعض أهل البدع ينكرون الصفات، فلا يلزم من إثبات أهل السنة لها -كما دلت عليه النصوص- تكفير مَنْ أنكرها، بل المؤمن يعتقد إثبات ما أثبت الله لنفسه من الصفات، ولربما لم ينقدح في ذهنه مخالفة أهل البدع له في ذلك، بل كثير من صغار طلبة العلم وكذلك طلبة المدارس في المراحل الأولية لا يعرفون إنكار المخالفين للصفات، بل ما سمعوا بأشاعرة ولا إباضية فضلًا أن يعتقدوا كفرهم، ولهذا لم يخاطبوا في هذه المراحل إلا بإثبات الصفات لله ﷿ دون الإشارة لا من قريبٍ أو بعيدٍ لخلاف المخالفين في هذا الباب.

وأهل السنة وإن كانوا يخطئون منكري الصفات، بل يعتقدون أن إنكار شيء من صفات الله كفر؛ لأنه تكذيب لما أخبر الله عن نفسه، إلا أنهم لا يكفرون من وقع في شيء من ذلك متأولًا.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولا يلزم إذا كان القول كفرًا، أن يكفر كل مَنْ قاله مع الجهل والتأويل، فإن ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في حقه، وذلك له شروط وموانع» (١).

ومن هذا الباب لم يكفر أهل السنة كل مَنْ خالف في الصفات فأنكر ثبوت شيءٍ منها لله متأولًا.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «والتحقيق في هذا: أن القول قد يكون كفرًا، كمقالات الجهمية الذين قالوا: إن الله لا يتكلم ولا يرى في الآخرة. ولكن يخفى على بعض الناس أنه كفر، فيطلق القول بتكفير القائل، كما قال السلف: مَنْ قال: القرآن


(١) منهاج السنة (٥/ ٢٤٠).

<<  <   >  >>