أما الشهوة فإنها تحمل الإنسان على الأضرار بغيره إلا أنه لا يكون مؤثرا له ولا ملتذا به. ولكنه يفعله ليصل به إلى شهوته وربما كان متألما به كارها له إلا أن قوة الشهوة تحمله على إرتكاب ما يرتكبه. وأما اشرير فإنه يتعمد الأضرار بغيره على سبيل الإيثار له والإلتذاذ به. كمن يسعى إلى السلطان ويحمله على إزالة نعمة لا يصل إليه منها شيء. ولكن يلتذ بالمكروه الذي يصل إلى غيره. وأما الخطأ فإن صاحبه لا يقصد الأضرار بغيره ولا يؤثره ولا يلتذ به بل بقصد فعلا ما فيعرض منه فعل آخر. وصاحب الفعل يحزن ويكتئب لما أتفق إليه من الخطاء. وأما الشقاء فصاحبه لا يكون هذا مبدأ فعله ولا له فيه صنع بالقصد. بل يوقعه فيه سبب آخر من خارج.
وذلك كمن تصدم به دابته صديقا له فتقتله. فهذا يسمى شقيا وهو مرحوم معذور لا يجب عليه عتب ولا عقوبة. وأما السكران والغضبان والغيران إذا فعلوا فعلا قبيحا فإنهم يستحقون العتب والتفويه لأن مبتدأ أفعالهم منهم. وذلك أن السكران باختياره أزال عقله والغضبان والغيران اختارا الإنقياد بهاتين القوتين إذا هاجتا بهما، ونعود إلى ما كنا فيه من ذكر العدالة فنقول: