إن ارسطوطاليس قسم العدالة إلى أقسام ثلاثة: أحدها ما يقوم به الناس لرب العالمين. وهو أن يجري الإنسان فيما بينه وبين الخالق عزوجل على ما ينبغي وبحسب ما يجب عليه من حقه وبقدر طاقته. وذلك أن العدل إذا كان هو اعطاء ما يجب من يجب كما يجب. فمن المحال ان لا يكون لله تعالى الذي وهب لنا هذه الخيرات العظيمة واجب ينبغي أن يقوم به الناس. والثاني ما يقوم به بعض الناس لبعض من أداء الحقوق وتعظيم الرؤساء وتأدية الآمانات والنصفة في المعاملات. والثالث ما يقومون به من حقوق أسلافهم مثل أداء الديون عنهم وإنفاذ وصاياهم وما أشبه ذلك فهذا ما قاله ارسطوطاليس وأما تحقيق ما قاله، مما يجب لله عز وجل وإن كان ظاهرا فأنا نقول فيه ما يليق بهذا الموضع. وهو أن العدالة لما كانت تظهر في الأخذ والإعطاء وفي الكرامة التي ذكرناها. وجب أن يكون لما يصل إلينا من عطيات الخالق عز وجل ونعمه التي لا تحصى حق يقابل عليه.