وقد قال حكيم الفرس وملكهم ازدشير:" إن الدين والملك إخوان توأمان لايتم أحدهما إلا بالآخر " فالدين أس والملك حارس. وكل مالا أس له فمهدوم. وكل مالا حارس له فضائع. ولذلك حكمنا على الحارس الذي نصب للدين أن يتيقظ في موضعه ويحكم صناعته ولا يباشر أمره يالهوينا ولا يشتغل بلذة تخصه ولا يطلب الكرامة والغلبة إلا من وجهها. فإنه متى أغفل شيئا من حدوده دخل عليه من هنالك الخلل والوهن.
وحيئنذ تتبدل أوضاع الدين ويجد الناس رخصة في شهواتهم ويكثر من يساعدهم على ذلك فتنقلب هيئة السعادة إلى ضدها ويحدث بينهم الإختلاف والتباغض فأداهم ذلك إلى الشتات والفرقة وبطل الفرض الشريف وانتقض النظام الذي طلبه صاحب الشرع بالأوضاع الإلهية فاحتيج حينئذ إلى تجديد الأمر واستئناف التدبير وطلب الإمام الحق والملك العدل ونعود إلى ذكر أجناس المحبات وأسبابها فنقول:
[أجناس المحبات وأسبابها]
إن هذه الأسباب كلها ماخلا المحبة الإلهية إذا كانت مشتركة بين المتحابين وكانت واحدة بعينها جاز في الشيئين أن ينعقدا معا وينحلا معا وجاز أيضا أن يبقى أحدهما وينحل الآخر.
مثال ذلك أن اللذات المشتركة بين الرجل والمرأة هي سبب للمحبة بينهما فقد يجوز أن تجتمع المحبات لأن السبب واحد وهي اللذة.