إن الأجسام الطبيعية كلها تشترك في الحد الذي يعمها ثم تتفاضل بقبول الآثار الشريفة والصور التي تحدث فيها. فإن الجماد منها إذا قبل صورة مقبولة عند الناس صار بها أفضل من الطينة الأولى التي لا تقبل تلك الصورة. فإذا بلغ إلى أن يقبل صورة النبات صار بزيادة هذه الصورة أفضل من الجماد.
وتلك الزيادة هي الإغتذاء والنمو والإمتداد في الإقطار وإجتذاب ما يوافقه من الأرض والماء وترك ما لا يوافقه ونفض الفضلات التي تتولد فيه من غذائه عن جسمه بالصموغ. وهذه الأشياء التي ينفصل بها النبات من الجماد. وهذه الحالة الزائدة في النبات التي شرف بها على الجماد تتفاضل: وذلك أن بعضه يفارق الجماد مفارقة يسيرة كالمرجان وأشباهه. ثم يتدرج فيها فيحصل له من هذه الزيادة شيء بعد شيء فبعضه ينبت من غير زرع ولا بذر ولا يحفظ نوعه بالثمر والبزر. ويكفيه في حدوثه امتزاج العناصر وهبوب الرياح وطلوع الشمس فلذلك هو في أفق الجمادات وقريب الحال منها. ثم تزداد هذه الفضيلة في النبات فيفضل بعضه على بعض بنظام وترتيب حتى تظهر فيه قوة الأثمار وحفظ النوع بالبزر الذي يخلف به مثله فتصير هذه الحالة زائدة فيه ومميزة له عن حال ما قبله. ثم تقوى هذه الفضيلة فيه حتى يصير بعضه على بعض حتى يبلغ إلى أفقه ويصير في أفق الحيوان.