وليست الأمراض والآلام شيأ غير هذه الأشيأ ثم يتبع ذلك موت الأحياء وفقد الأعزاء والمستشعر لهذه الأشياء الملتزم لشرائطها في مبدأ كونه لا يخاف منها بل ينتظرها ويرجوها ويدعي له بها ويرغب إلى الله فيها.
فهذه جملة الكلام على الخوف المطلق ولما كان أعظم ما يلحق الإنسان منه هو خوف الموت وكان هذا الخوف عاما وهو مع عمومه أشد وأبلغ من جميع المخاوف وجب أن نبدأ بالكلام فيه فنقول:
[علاج الخوف من الموت]
إن الخوف من الموت ليس يعرض إلا لمن لا يدري ما الموت على الحقيقة أولا يعلم إلى أين تصير نفسه أو لأنه يظن أن بدنه إذا انحل وبطل تركيبه فقد انحلت ذاته وبطلت نفسه بطلان عدم ودثور وأن العالم سيبقى موجود أو ليس هو بموجود فيه كما يظنه من يجهل بقاء النفس وكيفية المعاد. أو لأنه يظن أن للموت ألما عظيما غير ألم لأمراض التي ربما تقدمته وأدت إليه وكانت سبب حلوله أو لأنه يعتقد عقوبة تحل به بعد الموت. أو لأنه متحير لا يدري على أي شيء يقدم بعد الموت. أو لأنه يأسف على ما يخلفه من المال والمقتنيات وهذه كلها ظنون باطلة لا حقيقة لها.