وكيف يصفح ويغضي عمن وفي أي ذنب. حكي عن الإسكندر أنه نمى إليه عن بعض أصحابه أنه يعيبه وينتقصه فقال له بعض أصحابه لو أدبته أيهاالملك بعقوبة تنهكه بها.
فقال له وكيف يكون انهاكه بعد عقوبتي إياه في ثلبي وطلب معايب لأنه حيئنذ أبسط لسانا وأعذر عند الناس.
وأتى يوما ببعض أعدائه من المتغلبين الخارجين عليه وكان قد عاث في أطرافه بلاده عيثا كثيرا فصفح عنه، فقال له بعض جلسائه: لو كنت أنا أنت لقتلته. فقال له الإسكندر ولكن لم أكن أنا أنت فلست بقاتله.
فقد ذكر معظم أسباب الغضب ودللنا على معالجتها وحسمها وهو النوع الأعظم من أمراض النفس وإذا تقدم الإنسان في حسم سببه لم يخش تمكنه منه، وكان ما يعرض له سهل العلاج قريب الزوال لا مادة له تلهبه وتمده ولأسباب يسعره ويوقده. وتجد الروية موضعا لإجالة النظر والفكر في فضيلة الحلم وإستعمال المكافأة إن كان صوابا أوالتغافل إن كان حزما. والذي يتلو معالجة هذا من أمراض النفس معالجة الجبن الذي هو الطرف الآخر من صحتها. ولما كانت الأضداد يعرف بعضها من بعض وقد عرفنا الطرف الذي حددناه بحركة للنفس عنيفة قوية يحدث منها غليان دم القلب شهوة للإنتقام فقد عرفنا إذا مقابله أعني الطرف الآخر الذي هو سكون للنفس عندما يجب أن تتحرك فيه وبطلان شهوة الإنتقام وهذا هو سبب الجبن والخور.