فإن عرض لنا منها عارض كان بحيث نطيع العقل ونلتزم شرائطه وحدثت فضيلته أعني الشجاعة فيكون حينئذ أقدامنا على ما نقدم عليه كما يجب وبحيث يجب وبالمقدار الذي يجب وعلى من يحب.
[العجب والإفتخار]
أما العجب فحقيقته إذا حددناه أنه ظن كاذب بالنفس في استحقاق مرتبة هي غير مستحقة لها. وحقيق على من عرف نفسه أن يعرف كثرة العيوب والنقائص التي تعتورها فإن الفضل مقسوم بين البشر وليس يكمل الواحد منهم إلا بفضائل غيره. وكل من كانت فضيلته عند غيره فواجب عليه أن لا يعجب بنفسه. وكذلك الإفتخار فإن الفخر هو المباهات بالأشياء الخارجة عنا ومن باهي بما هوخارج عنه فقد باهى بمالا يملكه. وكيف يملك ما هو معرض للآفات والزوال في كل ساعة وفي كل لحظة ولسنا على ثقة منه في شيء من الأوقات وأصح الأمثال وأصدقها فيه ما قاله الله عز وجل:(وَاضرِب لَهُم مَثلاٌ رَجُلَين جَعَلنا لأَحَدِهِما جَنَتينِ مِن أَعنابٍ) إلى قوله: (فَأَصبَحَ يُقَلِبُ كَفَيهِ عَلى ما أَنفَقَ فيها وَهيَ خاوِيةٌ عَلى عُرُوشِها) وقال تعالى: (وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُنيا كَمَاءٍ أَنزَلَناهُ مِنَ السَماءِ فاختلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيماً تَذرُوهُ الرِياح وَكانَ الله عَلى كُلِ شَيءٍ مُقتَدِراً) وفي القرآن من هذه الأمثال شيء كثير وكذلك في الأخبار المروية عن النبي عليه الصلاة والسلام.