وبيان ذلك أنا نجد العبيد وأشباههم إذا بلوا بموالي سوء يسفهون عليهم ويسبون أعراضهم هان عليهم الخطب فيما يسمعونه حتى لا يؤثر فيهم وربما تضاحكوا عند سماع مكروه شديد ضحكا غير متكلف ويعملون عند ذلك أعمالهم ودعين طلقين غير قلقين وقد كانوا قبل ذلك شرسين غضوبين غير محتملين ولا ممسكين عن الأجوبة والإنتقام بالكلام وطلب التشقي بالخصام. وهذه سبيلنا إذا ألفنا الفضائل وتجنبنا الرذائل وأمسكنا عن مقابلة السفهاء ومجاراتهم والإنتقام منهم. ويجب على حافظ الصحة على نفسه أن يتشبه بالملوك الموصوفين بالحزم فإنهم يستعدون للأعداء بالعدة والعتاد والتحصن قبل هجوم العدو وهم في مهلة من زمانهم وفي إتساع من نظرهم ولو أغفلوا ذلك إلى أن تحل بهم المكاره وتطرقهم الشدائد لأذهلهم الأمر عن الحيلةوعن الرأي السديد. فعلى هذا الأصل يجب أن تبنى أمورنا في الإستعداد لأعدائنا من الشره والغضب وسائر ما يزيلنا عن أغراضنا من الفضائل بأن نتعود الصبر على ما يجب الصبر عليه والحلم عمن ينبغي أن يحلم عنه ونضبط النفس عن الشهوات الرديئة ولا ننظر دفع هذه الرذائل وقت هيجانها فإن الأمر عند ذلك صعب جدا ولعله غير ممكن ألبتة.
[معرفة المرء عيوب نفسه]
ويجب علىحافظ الصحة علىنفسه ان يطلب عيوب نفسه باستقصاء شديد ولا يقنع بما قاله جالينوس في ذلك فإنه ذكر في كتابه المعروف بتعرف المرء عيوب نفسه " أنه لما كل إنسان يجب نفسه خفيت عليه معايبهولم يرها وإن كانت ظاهرة "