ومن كان على هذه الحالة من الشر ورداءة الهيئة كانت أفعاله كلها رديئة.
ومن كانت ذاته رديئة هرب من ذاته لأجل أن الرداءة مهووب منها واضطر إلى صحبة قوم يناسبونه ليفنى عمره معهم ويشتغل بهم عن ذاته وما يجده فيها من الإضطراب والقلق. ذلك أن هؤلاء الأشرار إذا خلوا بأنفسهم تذكروا أفعالهم الرديئة وهاجت بهم القوى المتضادة التي تدعوهم إلى إرتكاب الشرور المتضادة فيألمون من ذواتهم وتتشاغب نفوسهم كل الشغب وتجذبهم القوى التي فيهم وهي التي لم يروضوها بالأدب الحقيقي إلى جهات مختلفة من اللذات الرديئة وطلب الكرامات التي لا يستحقونها والشهوات الرديئة التي تهلكهم سريعا.
فإذا جذبتهم هذه القوى إلى جهات مختلفة أحدثت فيهم آلاما كثيرة لأنه لا يمكن أن يفرح ويحزن معاولا يرضى ويسخط في حال واحدة ولا يستطيع أن يؤلف بين الأضداد حتى تجتمع له فهومن شقائه يهرب من ذاته لأنها رديئة فاسدة متألمة كثيرة الشغب عليه ويلتمس لعشرته ومخالطة من هومثله وأسوأ حالا منه فيجد للوقت راحة به وسكونا إليه لأجل المشاكلة ثم يعود بعد قليل وبالا عليه وزيادة في خباله وفساده فيألم به ويهرب منه ليس له محب ولا ذاته ولا له نصيح ولا نفسه وليس يتحصل الأعلى الندامة ولا يرجع إلا إلى الشقوة.
[الخير الفاضل]
وأما الرجل الخير الفاضل فإن سيرته جيدة محبوبة فهو يحب ذاته وأفعاله ويسر بنفسه ويسر به أيضا غيره ويختار كل إنسان مواصلته ومصادقته فهو صديق نفسه والناس أصدقاؤه وليس يضاده إلا الشرير فقط ويعرض لمن هذه سيرته أن يحسن