إلى غيره بقصد وبغير قصد. وذلك أن أفعاله لذيذة محبوبوة واللذيذ المحبوب مختار فيكثر المقبلون عليه والمحتفون به والآخذون عنه.
وهذا هو الإحسان الذاتي الذي يبقى ولا ينقطع ويتزايد على الأيام ولا ينتقص.
وأما الإحسان العرضي الذي ليس بخلقي ولا هو سيرة لصاحبه فإنه ينقطع ويلحق فيه اللوم. والمحبة التي تعرض منه تلحق بالمحبات اللوامة.
ولذلك يوصي صاحبه بتربيته فيقال له تربية الصنعة أصعب من إبتدائها. والمحبة التي تحدث بين المحسن والمحسن إليه يكون فيها زيادة ونقصان أعني أن محبة المحسن للمحسن إليه أشد من محبة المحسن إليه للمحسن. واستدل أرسطوطاليس على ذلك بأن المقرض وصانع المعروف يهتم كل واحد منهما بمن أقرضه واصطنع المعروف عنده ويتعاهد أنهما ويحبان سلامتهما. أما المقرض فربما أحب سلامة المقترض لمكان الأخذ لا لمكان المحبة أعني أنه يدعو له بالسلامة والبقاء وسبوغ النعمة ليصل إلى حقهز وأما المقترض فليس يعني كبير عناية بالمقرضولا يدعو له بهذه الدعوات وأما مصطنع المعروف فإنه بالحق الواجب يود الذي اصطنع إليه معروفه وإن لم ينتظر منه منفعة. ذلك أن كل صانع فعل جيد محمود يحب مصنوعه فإذا كان مصنوعه مستقيما جيدا وجب أن يكون محبوبا في الغاية. فقد تبين أن محبة المحسن أشد من محبة المحسن إليه.
وأما المحسن إليه فشهوته للإحسان أشد وأزيد من شهوة المحسن. وايضا فإن المحبة المكتسبة بالإحسان المرباة على طول الزمان تجري مجرى القنيات التي يتعب بتحصيلها فإن ما يكتسب منها على سبيل التعب والنصب تكون المحبة له أشد والضن به أكثر.