وكان يتولى تربيتهم أهل الجفاء وخشونة العيش ومن لا يعرف التنعم ولا الترفه وأخبارهم في ذلك مشهورة. وكثير من رؤسائهم في زماننا هذا ينقولن أولادهم عندما ينشأون إلى بلادهم ليتعودوا بها هذه الطرق المحمودة في تأديب الأحداث فقد عرفت أضدادها. أعني أن يشتغل بصلاحه وتقويمه فإنه قد صار بمنزلة الخنزير الوحشي الذي لا يطمع في رياضته فإن نفسه العاقلة تصير خادمة لنفسه البهيمية ولنفسه الغضبية فهي منهمكة في مطالبها من النزوات. وكما أنه لا سبيل إلى رياضة سباع البهائم الوحشية التي لا تقبل التأديب كذلك لا سبيل إلى رياضة من نشأ على هذه الطريقة واعتادها وأمعن قليلا في السن. اللهم إلا أن يكون في جميع أحواله عالما بقبح سيرته ذا مالها عائبا على نفسه عازما على الإقلاع والإنابة. فإن مثل هذا الإنسان من يرجى له النزوع عن أخلاقه بالتدريج والرجوع إلى الطريقة المثلى بالتوبة وبمصاحبةب الأخيار وأهل الحكمة وبالأكباب على التفلسف. وإذ قد ذكرنا الخلق المحمود وما ينبغي أن يؤخذ به الأحداث والصبيان فنحن واصفون جميع القوى التي تحدث لليحوان أولا أولا إلى أن ينتهي إلى أقصى الكمال في الإنسانية فإنك شديد الحاجة إلى معرفة ذلك لتبتديء على الترتيب الطبيعي في تقويم واحد منها فنقول: