وذلك أنهم إذا تحابوا تواصلوا وأراد كل واحد منهم لصاحبه مثل ما يريده لنفسه فتصير القوى الكثيرة واحدة ولم يتعذر على أحد منهم رأى صحيح ولا عمل صواب ويكون مثلهم في جميع ما يحاولونه مثل من يريد تحريك ثقل عظيم بنفسه فلا يطيق ذلك.
فإن استعان بقوة غيره حركه. ومدبر المدينة إنما يقصد بجميع تدابيره إيقاع المودات بين أهلها وإذا تم له هذا خاصة فقد تمت له جميع الخيرات التي تتعذر عليه وحده على أفراد أهل مدينته وحينئذ يغلب أقرانه ويعمر بلدانه ويعيش وهو ورعيته مغبوطين. ولكن هذا التأحد المطلوب بهذهالمحبة المرغوب فيهما لا يتم إلا بالآراء الصحيحة التي يرجى الإتفاق من العقول السليمة عليها والإعتقادات القوية التي لا تحصل إلا بالديانات التي يقصد بها وجه الله عز وجل وأصناف المحبات كثيرة وإن كانت ترتقي كلها إلى وجه واحد وسنقول فيها بمعونة الله فيما يتلو هذه المقالة إن شاء الله.