فأما المحبة التي يكون سببها اللذة فهي التي تنعقد سريعا وتنحل سريعا. وذلك أن اللذة سريعة التغير كما شرحنا أمرها فيما نقدم وأما المحبة التي سببها الخير فهي التي تنعقد سريعا وتنحل بطيئا. وأما المحبة التي سببها المنافع فهي التي تنعقد بطيئا وتنحل سريعا. وأما التي تتركب من هذه إذا كان فيها لأنها تكون بإرادة وروية وتكون فبها مجازاة ومكافأة.
فأما التي تكون بين الحيوانات غير الناطقة فالأحرى بها أن تسمى ألفا وتقع بين الأشكال منها خاصة. وأما التي لا نفوس لها من الأحجار وأمثالها فليس يوجد فيها إلا الميل الطبيعي إلى مراكزها التي تخصها. وقد يوجد أيضا بينها منافرة ومشاكلة بحسب أمزجتها الحادثة فيها من عناصرها الأولى وهذه الأمزجة كثيرة وإذا وقع منها شيء يتناسب نسبة تأليفية او عددية أو مساحية حدثت بينها ضروب من المشاكلة. وإذا كان أضداد هذه النسب حدثت بينها منافرة وتحدث لها أشياء تسمى خواص وهي أفعال بديعة وهي التي تسمى أسرار الطبائع ولا سيما في النسب التأليفية فإنها أشرف النسب بعد نسبة المساواة ولها أضداد أعني هذه النسب. وهي مبينة مشروحة في صناعة الإرتماطيقي ثم في صناعة التأليف. وأما الأمزجة التي بحسب هذه النسب فهي خفية عنا وعسرة المرام وقد ادعة قوم الوصول إليها. وليست تكون هذه الأفعال والخواص التي تحدث بين الأمزجة من النسب المذكورة موجودة في العناصر أنفسها والكلام فيها خارج عن غرضنا. وإنما ذكرناها هنا لأنها تشبه المشاكلات والمنافرات التي بين الحيوان في الظاهر والنسبة التي تحدث بين الناس بالإراة وهي التي تتكلم فيها ويقع فيها مكافأة ومجازاة.