وأحوج الصبيان إلى هذا الأدب أولاد الأغنياء والمترفين. وينبغي إذا ضربه المعلم أن لا يصرخ ولا يستشفع بأحد فإن هذا فعل المماليك ومن هو خوار ضعيف. ولا يعير أحدا إلا بالقبيح والسيء من الأدب. ويعود أن لا يوحش الصبيان. بل يبرهم ويكافئهم على الجميل بأكثر منه لئلا يتعود الريح على الصبيان وعلى الصديق. ويبغض إليه الفضة والذهب ويحذر منهما أكثر من تحذير السباع والحيات والعقارب والأفاعي. فإن حب الفضة والذهب آفته أكثر من آفات السموم. وينبغي أن يؤذن له في بعض الأوقات أن يلعب لعبا جميلا ليستريح إليه من تعب الأدب ولا يكون في لعبه ألم ولا تعب شديد.
ويعود طاعة والديه ومعلميه ومؤديه وإن ينظر اليهم بعين الجلالة والتعظيم ويهلبهم. وهذه الآداب النافعة للصبيان هي للكبار من الناس أيضا نافعة ولكنها للأحداث أنفع لأنها تعودهم محبة الفضائل وينشأون عليها فلا يثقل عليهم تجنب الرذائل ويسهل عليهم بعد ذلك جمثيع ما ترسمه الحكمة وتحده الشريعة والسنة. ويعتادون ضبط النفس عما تدعوهم إليه من الذات القبيحة وتكفهم عن الإنهماك في شيء منها والفكر الكثير فيها. وتسوقهم إلى مرتبة الفلسفة العالية وترقيهم إلى معالي الأمور التي وصفناها في أول الكتاب من التقرب إلى الله عز وجل ومجاورة الملائكة