وأمام هذه الفرضيات أو النظريات، لا نجد أنفسنا ملزمين علمياً بتحديد معاني النصوص الدينية، التي تتناول الموضوع نفسه، تحديداً قاطعاً.
والخطة المثلى تسمح لنا بأن نطرح احتمالات دلالاتها طرحاً غير مقترن بترجيح ولا تثبيت.
وحينما نرى أن نرجح والحالة هذه فيجب علينا أن لا نجزم، وأن نترك الجزم لمستقبل البحث العلمي المتجرد النزيه، وننتظر إثبات الحقيقة العلمية بوسيلة يقينية، فالمضمون لا يتعلق به حكم شرعيٌ يجب العمل به، فلا ضير إذن من التريث والأناة، هذا إذا لم يكن النص الديني قاطعاً في دلالته ويقيني الثبوت.
أما إذا كان النص الديني قطعي الثبوت قطعي الدلالة، أو كان من الأمور المتعلقة بالتشريع والأحكام الدينية، أو كان مضمونه يتعلق بغيبيات اعتقادية، لا تملك الوسائل الإنسانية الوصول إليها، مهما تقدمت هذه الوسائل وتطورت مستقبلاً، فإنه يجب الأخذ بمضمونه وفق أصول الاجتهاد في فهم النصوص. فاليقيني من كل ذلك نسلم به تسليماً تاماً، وغير اليقيني نضعه في المستوى الذي تقتضيه قوة ثبوت النص وقوة دلالته، وفق قواعد فهم النصوص المقررة لدى علماء أصول الفقه واستنباط الأحكام.
خاتمة:
فليس بعد هذا التحليل لموقف العلم الإنساني والدين من الحقيقة، أن يزعم وجود التناقض بين الإسلام والعلم الإنساني، في المنهج الذي يجب اعتماده للوصول إلى معرفة الحقائق، أو في النتائج اليقينية المقطوع بها التي يقررها الدين، والأخرى التي تنتهي إليها وسائل البحث العلمي الإنساني.
إن أي مضلل لا يستطيع إثبات ادعائه وجود التناقض هذا، إلا على