ذلك بهم إلى الخطأ الأكبر، وهو حكمهم على الأخلاق بأنها أمور اعتبارية أو نسبية.
الأمر الثاني: أنهم جعلوا مفاهيم الناس عن الأخلاق مصدراً يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، مع أن في كثير من هذه المفاهيم أخطاءً فادحة، وفساداً كبيراً، يرجع إلى تحكم الأهواء والشهوات والعادات والتقاليد فيها، ويرجع أيضاً إلى أمور أخرى غير ذلك.
والتحري العلمي يطالب الباحثين بأن يتتبعوا جوهر الحقيقة، حيث توجد الحقيقة، لا أن يحكموا عليها من خلال وجهة نظر الناس إليها، فكل الحقائق عرضة لأن يثبتها مثبتون , وينكرها منكرون، ويتشكك فيها متشككون، ويتلاعب بها متلاعبون، ومع ذلك تبقى على ثباتها، لا تؤثر عليها آراء الناس فيها.
الأمر الثالث: اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به الأخلاق، مع أن هذه عرضة للصواب والخطأ، كما سبق بيان ذلك.
* * *
تلخيص طريقة دُهاة التضليل لهدم الأخلاق:
ويمكن تلخيص طريقة دُهاة التضليل لهدم الأبنية الأخلاقية، والقوانين والأنظمة المنبثقة عنها بالوسائل الأربعة التالية:
الوسيلة الأولى: إقناع الأجيال بأن الأخلاق أمور اعتبارية، ونسبية، وهي متغيرة متبدلة، ولا ثبات لها، وليس لها حقائق مطلقة لا تتغير.
الوسيلة الثانية: أن يستغلوا بخبث بعض الآراء والأفكار الفلسفية، التي من شأنها تقليل قيمة الأخلاق في نفوس الناس، إذ تقيمها على أسس واهنة ضعيفة، أو على شفا جرف هار.
ومتى قامت في نفوس الناس على مثل ذلك تداعت الأبنية الأخلاقية