للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغش والاحتكارات، وحيل المضاربات، وخُدَعِ القمار، وأشباه ذلك، لسلب الناس أموالهم وهم غافلون.

وفهم العمال والصناع والأجراء الحرية على معنى استخدام تكتُّلاتهم وتنظيماتهم للوصول إلى الاستيلاء على أموال أرباب العمل، ومصانعهم، وممتلكاتهم، ونهبها وسلبها، أو استحقاق الأجور المرتفعة دون أن يقوموا بعلم يستحقون عليه الأجور التي يطالبون بتقاضيها.

وفهمت النساء الحرية على معنى انطلاقهن من ضوابط العفة، وتمردهن وانسياحهن بحسب أهوائهن، وتفلتهن من كل واجب اجتماعي، وكل ضابط خلقي.

وفهمَ المراهقون والمراهقات، والفتيان والفتيات الحرية على معنى الانفلات الأرعن، والتمرد على الرعاة من الأسرة، وعلى المربين والمعلمين.

وصار كل ضابط للسلوك من سلطة مدنية أو عسكرية أو قانونية أو دينية أو أسرية عدواً للحرية، في مفهوم حملة شعار الحرية الذين أطلقوها من حدودها المقبولة المعقولة، وعَمَّموها تعميماً مدمراً للإنسانية وكرامتها، ومخرجاً للإنسانية عن موقعه الذي وضعه الله فيه موضع الابتلاء المسْتَتْبَع بالحسابِ والجزاء، وقاذفاً به إلى مستوى الأنعام أو أضل سبيلاً.

هذا هو ما كان المفسدون في الأرض قد أرادوه وخططوا له، وأطلقوا من أجله شعار الحرية، ووسعوا من مساحتها حتى عمَّموها تعميماً فاسداً مفسداً، مصادماً للحق والخير والفضيلة والجمال والكمال.

إن الحرية مثل النار لا تستخدم إلا ضمن حدود وضوابط، وبحذر شديد، ومراقبة تامة، وإلا أكلت الأخضر واليابس، وابتلعت كل شيء أتت عليه.

إن الحرية المقبولة المعقولة في واقع الناس ذاتُ مجالٍ محدود، وهذا المجال المحدود لا يجوز تجاوزه ولا تعديه، لا في منطق العقل، ولا

<<  <   >  >>