وألسِنة الشرقيين أخرى، وعلى ألسنة اليهود حيناً، وألسنة النصارى حيناً آخر، وألسنة المجوس، والهندوك، والوثنيين، وغيرهم من شعوب الأرض.
ولكن لا أحدَ من هؤلاء أو أولئك يطبّق من مفهوم "الإنسانية" التي ينادي بها شيئاً، متى كانت عصبيته القومية، أو الوطنية، أو المذهبية، أو الدينيّة، أو آراؤه السياسية، أو الاقتصادية أو غيرها، أو مصلحته الأنانية تقتضي عدم تطبيقها.
إنه شعار لمطالبة الخصوم بتطبيق مفاهيمه، لا لمطالبة النفس بتطبيقها.
إذا تمسك المسلمون بدينهم وأحكامه، أو بحقوقهم السياسية أو الاقتصادية أو غير ذلك، توجّه الناس ضدهم قائلين لهم: هذا تعصّب لا إنساني، أو هذه أعمال تتنافى مع "الإنسانية".
أين تطبيق مفاهيم "الإنسانية" على السود في أمريكا؟ وعلى أصحاب البلاد الأصليين في جنوب أفريقية؟.
أين تطبيق مفاهيم "الإنسانية" على الأكثرية المسلمة في الحبشة وأريتريا؟. وعلى الأقلية المسلمة في الفلبين؟ . وفي الهند؟ وعلى المسلمين وغيرهم في الاتحاد السوفياتي؟ وعلى جماهير المسلمين المطالبين بحقوقهم في أفغانستان والجيش الروسي يدمّر مدنه وقراه، ويقتل الرجال والنساء والأطفال بوحشية قذرة؟.
أين تطبيق اليهود لمفاهيم "الإنسانية" على الفلسطينيين الذين سلبوا أرضهم وديارهم ويحاولون إبادتهم إبادة كلية، أو تطريدهم وتشريدهم.
لم لا يتحرّك ضمير دعاة "الإنسانية" للمطالبة بحقوق الإنسان في طول الأرض وعرضها، إلا حينما يكون المسلمون هم أصحاب الحقّ والسيادة والسلطان.
إن شعار "الإنسانية" شعار خداع، يرفع حيناً ضد بعض الناس، ويُطوى في سائر الأحيان.