وأقول: عن الإجابة على هذا التساؤل تأتي من استشفاف مضامين دعوة "الإنسانية".
إن هذه الدعوة في مضامينها وثناياها تلح على الاكتفاء برباط الإنسانية وحده، وتحرض على نبذ كل ما يسبب الفرقة والانقسام من بعد ذلك.
أما نبذ "الوطنية" واعتبار الأرض كلها وطناً واحداً، ونبذ القومية واعتبار الناس كلهم قومية واحدة، فهما أمران معلنان في دعوة "الإنسانية" وهما من عناصرها المكشوفة.
لكن الهدف المهم والحقيقي الذي هو المقصود بالذات من دعوة "الإنسانية" إنما هو نبذ المبادئ والمذاهب والمعتقدات والنظم، التي تسبب الفرقة بين الناس، وأهم ما يجب في دعوة الإنسانية نبذه هو الدين.
وأخطر الأديان التي تقف حاجزاً أمام مخطّطي دعوة "الإنسانية" هو الدين الإسلامي، إذ هو الطود العظيم الذي يريدون دكه والإجهاز عليه.
فإذا نبذ الناس أديانهم ومبادئهم ومذاهبهم ونظمهم، تهيأت لأصحاب المكيدة الفرص المواتية للسيطرة على البشرية كلها، لأنها تكون حينئذٍ قطعاناً من السوائم البشرية، تتمتع كما تتمتع الأنعام، وتأكل كما تأكل.
ثمّ يكون رعاة هذه السوائم هم أصحاب المكيدة أنفسهم، هكذا يقدّرون، ولو قُدِّر لهم أن يصلوا على ما يحلمون به، فسيقولون يومئذ:"ليس علينا في الأميين سبيل".
أي: لنا أن نتحكّم فيهم كما نهوى ونشتهي، وأن نمتطي ظهورهم كما نشاء، وأن نستعبدهم ونذلّهم ونسخّرهم لمصالحنا وخدمة شعبنا، شعب الله المختار، وملكنا مَلِك العالم.
هل لدعوة "الإنسانية" نصيب من التطبيق لدى الذين ينادون بها؟.
تنطلق من حين لآخر دعوة "الإنسانية" على ألسنة الغربيين مرة،