الناس إلى غاياتهم، ولو كانت هذه النجاحات هي من قبيل نجاحات الأشرار. وما دامت أمثلة الآثمين الناجحين أكثر عدداً من أمثلة القديسين الناجحين , وكانت وسائل الآثمين وسائل آثمة منافية لفضائل الأخلاق، فإن الغاية في السياسة تبرر الوسائل المنافية لفضائل الأخلاق، من أجل تحقيق النجاح المطلوب، ومن أجل الوصول إلى الغاية المقصودة، وهي الظفر بالحكم والاستئثار به.
فآراء "مكيافيلي" في تبرير الوسائل المنافية لفضائل الأخلاق تدور حول السياسة، وأخلاق الحكام، وذوي السلطة.
وأخذ معظم أرباب السياسة في الشرق والغرب، بهذا الاتجاه المكيافيلي وفق أقصى صوره المنحرفة.
وهذا الاتجاه المنحرف الشاذ، المعاكس لاتجاه الكمال الإنساني، إذا أخذ على إطلاقه، وهو طريق كل المنحرفين الظالمين المجرمين المفسدين في الأرض، قبل مكيافيلي وبعده، في السياسة، وفي غيرها.
وأخذ هذا الاتجاه المستهين بفضائل الأخلاق الإنسانية لتحقيق غايات الأفراد والجماعات، يسودُ سلوك الناس في الشرق والغرب، ويغزو الأجيال في كلّ الأمم والشعوب، حتى غدا شمول الانحراف في الأخلاق نذير دمار عام شامل لكل الشعوب التي أخذت تنعدم فيها فضائل الأخلاق الفردية والجماعية.
وقد مال الفيلسوف الإنجليزي الملحد "برتراند رسل" إلى تأييد أفكار "مكيافيلي" فقال:
"وفلسفته السياسية علمية تجريبية، مؤسسة على خبرته الخاصة بالشؤون العامة، ومعنيّة بتقديم الوسائل على الغايات المحدودة، بغضّ النظر عن التساؤل عن ضرورة النظر في كون الغايات حسنة أو سيئة، وعندما يسمح لنفسه أحياناً بأن يشير إلى الغايات التي يرومها، فإنها تكون