للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الانتخاب لأنفسهم بوسائل فاسدة، لا تتفق مع الفضائل الخلقية.

وأنكر "مكيافيلي" في كتابه "الأمير" بصراحة تامة الأخلاق المعترف بصحتها، فيما يختص بسلوك الحكام، فالحاكم يهلك إذا كان سلوكه متقيداً دائماً بالأخلاق الفاضلة، لذلك يجب أن يكون ماكراً مكر الذئب، ضارياً ضراوة الأسد.

وفي الفصل الثامن من كتابه "الأمير" ذكر أنه ينبغي للأمير أن يحافظ على العهد حين يعو ذلك عليه بالفائدة فقط. أما إذا كانت المحافظة على العهد لا تعود عليه بالفائدة فيجب عليه حينئذٍ أن يكون غداراً.

ويقول:

"بيد أنه من الضروري أن يكون الأمير قادراً على إخفاء هذه الشخصية. وأن يكون دعياً كبيرا ً، ومرائياً عظيماً، والناس يصلون في السذاجة وفي الاستعداد للخضوع للضراوات الحاضرة، إلى الحد الذي يجعل ذلك الذي يخدع يجد دائماً أولئك الذين يتركون أنفسهم ينخدعون. وسأنوّه فقط بمَثَلٍ حديثٍ واحد، فالإسكندر السادس لم يفعل شيئاً إلا أن يخدع الناس، ولم يخطر بباله أن يفعل شيئاً آخر، ووجد الفرصة لذلك، ولم يكن من هو أقدر منه على إعطاء التأكيدات، وتوثيق الأشياء بأغلظ الإيمان، ولم يكن أحد يرعى ذلك أقل منه، ومع ذلك فقد نجح في خُدعاته، إذ كان يعرف هذه الأمور معرفة طيبة".

واستنتج "مكيافيلي" من هذا أنه لا يلزم الأمير أن يكون متحلياً بفضائل الأخلاق المتعارف عليها، ولكن يجب عليه أن يتظاهر بأنه يتصف بها. وينبغي له أن يبدو فوق كل شيء متديناً.

وفلسفة "مكيافيلي" تعتمد على دراسة النجاحات البشرية في وصول

<<  <   >  >>