السياسة فقط، دون أن تَضَعَ لفكرتها هذه أي قيد من قيود المنطق السديد، والحق الثابت، والخير الجلي، والفضيلة والجمال، فإن المكيافيلية اليهودية تأخذ بهذه الفكرة نفسها، في مختلف الشؤون السياسية، والمالية، والعلميّة، والدينية، وغيرها من الشؤون التي تحقق لليهودي غاية من غايته مهما كانت حقيرة. ولو كانت الوسيلة إلى تحقيقها إهدار أي حق لفردٍ أو جماعة أو أمة، باستثناء اليهود، ولو كانت الوسيلة ارتكاب أية رذيلة خلقية، أو جريمة قذرة، أو نشرَ الكفر بالله، وبثَّ الإلحاد به في شعوب الأرض. والمكيافيلّيّة الشيوعيّة بنت المكيافيلية اليهودية.
(٥)
موقف الإسلام بين الوسائل والغايات
لكن الإسلام يتربع على قمة المجد في مراعاة الحق والعدل والخير والفضيلة والجمال.
وهو يأمر المسلمين بالتزام ما أمر الله به، ويكلّفهم أن يراعوا ذلك مع الناس جميعاً، دون تفريق بين الأفراد، وبين الأمم والشعوب، سواء منهم من دان بالإسلام ومن لم يدِن به.
وموقف الإسلام بين الوسائل والغايات تحدده أروع مبادئ تلتزم بالحق والعدل والخير والفضيلة، ولا تقترب من أضدادها، وتلتزم بكل ما أمر الله به من خير، ونهى عنه من شر.
وتفسح صدرها لاتخاذ بعض الوسائل التي يوجب المنطق السليم اتخاذها، ارتكاباً لأخَفِّ الضررين، ووسيلة لدفع أشدهما، وذلك حينما يتعذّر اتخاذ وسيلة أخرى لا ضرر فيها مطلقاً.
وقاعدة الإسلام في ذلك تحدِّدُها البنود التالية:
البند الأول: يجب أولاً أن تكون غايات الإنسان في حياته مقيدة بما أذن الله به في شريعته لعباده.