للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن مصلحة الإنسان الحقيقية إنما تتمثل بحصوله على احتياجاته الحقيقية، وهذه مسؤولية الصفوة المثقفة الواعية.

إذ أن الأكثرية من الناس قد أصبحوا راضين تماماً عن مجتمع الكفاية والوفرة، وسعداء بما تقدمه الإدارة لهم من سلع وخدمات، والعامل لا يشعر بأن رئيسه يتفوّق عليه في مأكل أو مشرب أو ملبس أو مركب، حتى إنهما يشاهدان برامج تلفزيونية واحدة، ويقرآن جريدة واحدة، ويرتادان أماكن الترويح عن النفس بمستوى واحد.

ولا يعني هذا زوال الطبقات، بل هو يدل على المدى الذي يمكن أن يصل إليه إشباع الحاجات، الذي يخدم هدف الحفاظ على السلام الاجتماعي.

يضاف إلى ذلك أن الإدارة استطاعت أن تمتصّ كلّ أوقات فراغ هذا المجتمع الصناعي الراقي، فأوقات فراغ الناس فيه لم تَعُد حرة برغم ازدهارها ضمنه.

وأظهر "ماركوز" استياءه من أن ظروف العمل في المجتمع الصناعي الراقي تميل إلى جعل العامل سلبياً، وتقضي على أي شعور لديه بمعارضة النظام، وأن ما تستحدثه الدولة من مؤسسات تنشد بها الإصلاح الاجتماعي، يكون في الوقت نفسه وسيلتها للسيطرة على حياة الذين ينعمون بفوائد ومزايا هذه المؤسسات، بسبب هيمنتها على مستوى معيشتهم، وكلما زاد استهلاك الناس كان ذلك ادعى إلى إضعاف حوافز

<<  <   >  >>