واعتبر قضية الإيمان بالله ومَا أعدَّ لِمَنْ وَضعهم في الحياة الدنيا موضع الابتلاء، من جزاء بالثواب أو بالعقاب على حسب إيمانهم أو كفرهم، وعلى حسب أعمالهم في طاعته أو معصيته، ينالونه بعد أن يبعثهم إلى الحياة الأخرى حياة البقاء والخلود، اعتبر هذه القضية كأنها قضية لا تتعلق به، ولا بالمجتمع الإنساني الذي كان حريصاً على سعادته وتقدُّمه، وغيوراً على محبته، وحفظ النظام والأمن له.
وجازف بتعريض نفسه وتعريض الذين يستجيبون لآرائه للعقاب الأبدي في الدار التي أعدَّها الله للكفار والعصاة الرافضين أن يُسلموا له ويطيعوه في أوامره ونواهيه، وهي جهنّم ذات النار الحامية ن لمجرّد توهُّمه أن الإيمان بعالم الغيب لم ترق عنده إلى مثل المشاهدات الحسية، وما قدمته الملاحظة والتجربة في العلم الإنساني المادي.
ثمّ ادعى حالاته الثلاثة التي زعم أن العقل البشري قد مر بها حول قضية تفسير الظواهر الطبيعية، دون أن يكون لما قدم في هذا الادعاء دليلٌ من العقل، أو من التجربة العلمية، أو من الملاحظة، واكتفى بأن يستند إلى الوهم والخيال.
إذ ليس لدى العلوم التجريبية دليلٌ ما على حالاته، كما أنه ليس لدى العقل دليلٌ ما عليها.
فمن عجيب الأمر أن يرفض اليقين العقلي، ويرفض تصديق أخبار المؤيدين بالمعجزات الخارقات لقوانين الطبيعة، ثمّ يقدم بدائل من تصوراتٍ تخيلها أو توهمها دون أن تقترن بدليل من العلم التجريبي الذي اعتمده فقط، أو من منطق الفكر السليم.
ونلاحظ أنه قرّر تَسَلْسُلاً للحالات التي ذكرها مخالفاً لواقع حال التاريخ الإنساني، منذ بدء وجود الإنسان على سطح الأرض.
فقد أثبتت كلُّ المعارف الدينية المتوارثة في أمم الأرض، أن آدم أبا البشر قد تلقَّ عن الله تعاليم الدين الحقّ، وأنه علّم ذُرّيّتَهُ أصول هذا