للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلوك الخلية، وكما يدرس النبات، وتدرس الحشرات، والأسماك والضفادع، وغير ذلك من الكائنات في الطبيعة.

هذا التوجيه الخرافي يدعو إلى إطلاق السلوك الإنساني دون أي ضابط، ثمّ إلى دراسته كما هو في الواقع، واعتبار هذا الواقع هو الصورة الكاملة الصحيحة لسلوك الناس، وبه تتحقق سعادة الإنسان، أي: ولو استشرت قوة الأقوياء، وأهلكت معظم البشرية، وظلمتهم وعذبتهم واستعبدتهم.

الكاشف الثاني عشر: كلام "رسل" عن تطور الكون من السديم الذي دار عبثاً، حتى وصل إلى ما هو عليه الآن من إتقان عجيب عن طريق المصادفة، وأنه سيعود إلى ما كان عليه عند انطلاقته الأولى، وأنه لا أمل لكائن بعد ذلك بشيء، كلام خيالي صرف، وهو لا يعبّر بحال من الأحوال عن أية حقيقة علمية.

إنه محض تخيل يجري نظيره في خيال أي كاتب لقصة خرافية.

إن مدعي الالتزام بالمناهج العلمية يزعمون أن العلم هو ما تقدمه التجربة، ويخضع للاختبار المعملي، حتى إن "رسل" قد حصر العلم - كما سبق بيانه - في العلوم الطبيعية وحدها، فما باله هنا يتجاوز حدود العلوم الطبيعية والمعارف العقلية إلى الخيال المحض، ثمّ يجعل من هذا الخيال حقيقة علمية.

وما بال الملاحدة يعتبرون مثل هذه القصة الخيالية التي تتحدّث عن الكون من الأزل إلى الأبد، هي النظرة العلمية، مع أن موضوعها لا يمكن إخضاعه لا للتجربة، ولا للملاحظة، ولا للاستنتاج العقلي.

إنهم يجعلون الاستنتاج العقلي المنطقي خارج قوس النظرة العلمية، لأن الاستنتاج العقلي المنطقي مهما كان دليله برهانياً، ليس ثمرة التجربة الحسية.

فلماذا إذن يجعلون الأوهام الخيالية الخرافية داخل قوس النظرة العلمية، وهي غير ذات قيمة مطلقاً، لا عند العقل ولا عند الحس، إنه

<<  <   >  >>