للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحين يظفر رؤساء أقوامهم بإقطاعات السلطان، فإن عقلاءهم لا بد أن يحسبوا حساب نقمة أنصارهم من قومهم عليهم، وهذا يدفعهم إلى أن يجعلوا لوجوه أقوامهم شيئاً مما أصابوه هم من ذي السلطان الأعلى، ليضمنوا بذلك ولاءهم لأنفسهم وللسلطان معاً.

وبهذا النظام تكبر نسبياً دائرة المشاركين في المنافع والثروات، بخلاف النظام الاستعبادي الذي كانت الدائرة المالكة المتسلطة المستبدة فيه ضيقة جداً، ويسخر الإقطاعيون العمال في إقطاعاتهم تسخيراً مجحفاً لا يؤدّونهم فيه أجورهم المكافئة لأعمالهم.

وفي عهود الإقطاع ظهرت دعوات فكرية فلسفية محدودة، تنادي بشيوعية المال، فقد بسط "أفلاطون" الفيلسوف اليوناني المعروف (٤٢٩ - ٣٤٧ ق. م) في جمهوريته نظام المجتمع الشيوعي الذي تصوّره، ولكن لم يكن لدعوته أثر عملي.

وفي القرن السادس عشر الميلادي كتب "السير توماس مور" كتاباً بعنوان "Utopia" أي: مثالي، وضع فيه صورة لمجتمع مثالي فيما يرى، وكان في تصوّره مجتمعاً شيوعياً، يقوم على شيوع الثروات، وتوزيع أدوات الإنتاج، واشتراك جميع الأفراد في ثمرات هذا الإنتاج، وإلغاء كل مظاهر الملكية الفردية ومقوماتها، وتشرف عليه حكومة منتخبة.

وظهرت في التاريخ البشري ثورات إباحية تنادي بشيوعية المال والنساء، فقامت في فارس قبل ظهور الإسلام فرقة "المزدكية" الذين استباحوا المحرمات، وزعموا أن الناس شركاء في الأموال والناس، ودامت فتنتهم إلى أن قتلهم "أنوشروان" في زمانه.

وظهرت أيضاً في تاريخ المسلمين فرق خرجت على الإسلام، ودعت إلى الإباحية المزدكية، وشيوع الأموال والنساء، وقد التقى في تأسيس هذه

<<  <   >  >>