والعدل يستند إلى الحق، وتحديد حق الفرد وحق الجماعة في قضايا الأموال مرجعه خالق الناس، ومالكهم، ومالك ما يملكهم من حقوق، ضمن حكمة الابتلاء في ظروف هذه الحياة الدنيا، وهو عز وجل عليم حكيم، يوزع الحقوق بحسب مصالح العباد، ويجعل لها موجبات ومبررات طبيعية، وحكماً اجتماعية تدركها العقول.
والعدل يستلزم وضع قيود على حرية الفرد في الكسب لصالح الجماعة، وتكليف الفرد بحقوق في ماله لصالح الأقربين ولصالح الزوجة، ولصالح الجماعة، وللمصالح العامة.
والعدل يستلزم تكليف الجماعة تأمين حقوق الأفراد في حرية الكسب المشروع، وفي التملك المشروع، ما داموا ملتزمين بما أذن الله لهم في ذلك. وتكليف الجماعة أيضاً كفالة الفرد حينما يكون عاجزاً عن كفالة نفسه بماله أو بعمله، أو أسرته.
وللإسلام في ذلك تنظيم رائع، ملائم للفطرة، راعى الله فيه التوزيع الأسري في التكافل، والتعاون الجماعي فيما وراء ذلك.
أما النظم الأخرى فلا تقوم على أساس العدل بين الفرد والجماعة، واحترام الحقوق المقررة لكلٍّ منهما في شريعة الله.
أ- فالنظم المنحدرة عن يمين صراط الإسلام تنطلق من جعل حرية الفرد حقاً مقدساً، والأساس الذي يجب احترامه واعتباره القاعدة التي تبنى عليها حقوق الكسب والتملك.
ولكن قد يلزم من إطلاق حرية الفرد تصرفات فيها عدوان على الآخرين، وظلم لحقوقهم، وتحايل على إرادتهم، واستغلال لهم.
والمُخَفَّفُ من هذه النظم يُدْخِل بعض القيود على حرية الفرد في الكسب والتملك، وهذا ما نلاحظه في أخف صور الرأسمالية.
وكلما كثرت القيود لصالح الجماعة ولصالح الحقوق العامة، اقترب