للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبب الأول:

إن معظم المسلمين حكاماً ومحكومين، هجروا إسلامهم، وتهاونوا في تطبيق أحكامه، وأخلدوا إلى الدعة والراحة، وتعلقوا بالدنيا وشهواتها، وتنازعوا عليها، وتفرقوا إلى فرق وأحزاب ودول متصارعة متخالفة.

وكان هذا من أخطر وأهم الأسباب التي أطمعت الأعداء فيهم، فوجهوا لهم جيوش القتال للسيطرة عليهم، وإسقاط سلطانهم، وتحطيم قواهم، وسلب ما يملكون من أرض ومالٍ وطاقات بشرية، وتسخيرهم في الأعمال كالعبيد، ووجهوا لهم جيوش الفتنة والإفساد لسلبهم ذاتيتهم العظيمة القائمة على الإسلام إيماناً وخلقاً وعملاً.

* * *

السبب الثاني:

تفشي الجهل بين معظم المسلمين في جميع أقطارهم وبلدانهم، وبُعْدُهُم عن العلم بصفة عامة في القرون المتأخرة، قرون الانحطاط، بعد القرون العلمية الذهبية التي احتل المسلمون فيها قمة الحضارة، وكانوا فيها قادة الركب الإنساني إلى كل تقدم صحيح فكريٍّ وتطبيقي.

وتفشي الجهل بين معظم المسلمين قد كان في الحقيقة نتيجة طبيعيةً للسبب الأول بالنسبة إليهم، إذْ صرفهم عن العلم وعن الاشتغال به هجرُهم للإسلام، وبُعدُهم عن تطبيق أحكامه، وعن الاهتداء بهديه، نتيجة تعلقهم بمتاع الحياة الدنيا، والتنازع عليها، والتقاتل من أجلها، والتسابق إلى الظفر بالسلطان والجاه، والرغبة بجمع المال، والسعي وراء الاستمتاع بلذات الجسد، من مآكل ومشارب ومناكح ومساكن، وسائر ما في الحياة الدنيا من زينة.

مع أن الإسلام يدفع المسلمين بإلزام، إلى الأخذ بأسباب العلم والبحث العلمي، والتسابق فيه، وأخذ النصيب الأوفى منه، في كل مجال من مجالاته النافعة، فالعلم سبب من أسباب القوة التي أمر الله بإعدادها

<<  <   >  >>