وأيضًا فإن عندهم في التوراة قصة أعجب من هذه، وهى أن يهوذا بن
يعقوب النبي عليه السلام زوج ولده الأكبر من امرأةٍ يقال لها تاماد، فكان يأتيها مستدبرًا، فغضب الله من فعله، فأماته، فزوجها يهوذا من ولده الآخر، فكان إذا دخل بها أمنى على الأرض، علمًا منه بأنه إن أولدها كان أول الأولاد مدعوًا باسم أخيه، ومنسوبًا إلى أخيه، فكره الله ذلك من فعله، فأماته أيضًا، فأمرها يهوذا باللحاق بأهلها إلى أن يكبر "شبلا" ولده، ويتم عقله، حذرًا من أن يصيبه ما أصاب أخويه. فأقامت في بيت أبيها، فماتت من بعد زوجة يهوذا، وأصعدَ إلى منزلٍ يقالُ له:" تمناث " ليجزَّ غنمه، فلما أخبرت تاماد بإصعاد حميها إلى تمناث لبست زي الزواني، وجلست في مستشرف على طريقه لعلمها بشيمته فلما مرَّ بها خالها زانيةً، فراودها، فطالبته بالأجرة، فوعدها بجدى، ورهن عندها عصاه وخاتمه، ودخل بها، فعلقت منه بفارض وزارح، ومن نسل فارض هذا كان بوعز المتزوج بروث التي من نسل مؤاب، ومن ولدهما كان داود النبى، عليه السلام.
وأيضًا: ففى هذه الحكاية دقيقة ملزمة بالنسخ، وهى أن يهوذا لما أخبر بأن كفته قد علقت من الزنا أفتى بإحراقها، فبعثت إليه بخاتمه وعصاه، وقالت: من، رب هذين أنا حامل. فقال: صدقت منى ذلك. واعتذر بأنه لم يعرفها، ولم يعاودها.
وهذا يدل على أن شريعة ذلك الزمان كانت مقتضية إحراق الزواني، وأن التوراة أتت بنسخ ذلك، وأوجبت الرجم عليهن.