وأَخَفْتَ أَهْلَ الشِّرْكِ حَتَّى إنَّهُ ... لَتَخَافُكَ النُّطَفُ الَّتِي لَمْ تُخْلَقِ
هذه المبالغة من "الغلوّ".
قالوا: إنّ "العتابي" لقي أبا نواس فقال له: أما اسْتَحْيَيْتَ من الله بقولك: "وأخَفْتَ أهلَ الشّرْك".
فقال له "أبو نواس": وأنت ما استحييت من الله بقولك:
مَا زِلْتُ في غمَرَاتِ الْمَوْتِ مُطَّرَحاً ... يَضِيقُ عَنِّي وَسِيعُ الرّأي مِنْ حِيَلي
فَلَمْ تَزَلْ دَائِباً تَسْعَى بِلُطْفِكَ لِي ... حتَّى اخْتَلَسْتَ حَيَاتِي مِنْ يَدَيْ أَجَلِي
المثال التاسع: قول البحتري في مدْح أمير المؤمنين "المتوكّل على الله":
فَلَوَ أنَّ مُشْتَاقاً تَكَلَّفَ فَوْقَ مَا ... فِي وُسْعِهِ لَسَعَى إِلَيْكَ الْمنْبَرُ
هذه المبالغة من "الغلوّ" المقبول.
المثال العاشر: قول "المتنبّي" في صباه في المكتب:
أَبْلَى الْهَوَى أسَفاً يَوْمَ النَّوَى بَدَني ... وفَرَّقَ الْهَجْرُ بَيْنَ الْجفْنِ وَالْوَسَنِ
رُوحٌ تَرَدَّدُ في مِثْل الْخِلاَلِ إِذا ... أَطَارَتِ الرّيحُ عَنْهُ الثَّوْبَ لَمْ يَبِنِ
كَفَى بِجِسْمِي نُحُولاً أَنَّنِي رَجُلٌ ... لَوْلاَ مُخَاطَبَتِي إِيَّاكَ لَمْ تَرَنِي
الأسف: الحزن. والوسَنُ: النوم.
في المبالغة هنا "غُلُوّ" مقبول.
والأمثلة من شعر الشعراء على أقسام المبالغة كثيرة.
المقبول من قسم "الغلوّ".
قال البلاغيّون: والمقبول من قسم "الغلوّ" عدّة صُور، منها:
(١) أن يدخل عليه مَا يُقَرِّبُهُ إلى الصحة، كقول الله عزّ وجلّ في سورة