ورأَى ابْنُ العربي أنّ ما ذُكِرَ من خروج الخبر إلى النَّهْيِ غَيْرُ مقبول، لاحتمال حَمْلِ الكلام على معنى آخر غير ما ذكروا.
فقال في قوله تعالى:{فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج ... } ليس نفياً لوجودِ الرَّفَثِ، بل هو نفيٌّ لمشروعيَّتِه، فإّن الرَّفث يوجَدُ من بعض الناس، وأخبارُ الله تعالى لا يجوزُ أن تقع بخلاف الواقع، وإنما يَرْجِعُ النفيُ إلى وُجوده مشروعاً، لا إلى وُجوده مَحْسُوساً، قال: وهذه هي الدفينة التي فاتت العلماء فقالوا: إنّ الخبر يكون بمعنى النهي، وما وُجد ذلك قطُّ، ولا يصحُّ أن يُوجَد، فإنَّهما مختلفات حقيقةً، ويتباينان وصفاً.
أقول: ما ذكر ابْنُ العربيّ وجْهٌ يُمْكن أنْ يُقْصَد، لكن استعمالَ النَّفي بمعنى النَّهْي أمْرٌ متدَاولٌ بين الناس، ويدعو إليه عدّة دواعٍ بلاغيّة، منها التلطّفُ بالمخاطب.
(٣) وقد يراد من الخبر في الجملة الخبريّة الدعاء، وهذا كثير، منه:
* قولنا: يَرْحَمُ اللهُ موتانا ويَغْفِرُ لهم.
أي: اللهم ارحمهم واغفرْ لهم.
وفي استخدام الخبر في الدّعاء معنى التفاؤُلِ باستجابة اللهِ الدعاء، وتحقُّقهِ في الواقع حتَّى يكون خبراً.
* قولُ يوسف عليه السلام لأخوته فيما حكى الله في سورة (يوسف/ ١٢ مصحف/ ٥٣ نزول) :