وفي البيت الثاني حَمَل كلمةَ "أَبْرَمْتُ" على معنى إبْرام حبْلِ الوداد، وقَصْدُ المتكلّم من "أَبْرَمْتُ" معنى أضْجَرْتُ وأَنْزَلْتُ الْمَلَلَ، وحَمَلَ كلمةَ "طَوَّلْتُ" على معنَى أفْضَلْتَ، أي: أعطيتَ فضلاً، وقَصْدُ المتكلّم أنّه أطال الإِقامة.
* ومن العبارات الدارجات أنْ يقول المحتفي بضيفه معتذراً. "أرجو العفْوَ عن قُصُوري".
فيقول الضيف:"قُصُورُك عاليةٌ شماخة" أي: ما قدّمته من إكرام عظيم كالْقُصُورِ الشامخة إلى جانب الأبنية الأخرى، فيحمل كلمة "قصور" على غير ما أراد بها المضيف.
* ما رُوي من قصّة "القبعثرى" و"الْحَجَّاج بن يُوسف الثقفي" وإلى بني أُميَّة على العراق.
قالُوا: اجتمع نُدَماء من أهل الشّعْر والأدب في مَجْلِس شراب، إلى جانب شجرة من أشجار العنب ذاتِ عناقيد مُدَلاّة، وكان "القبعثرى" واحداً منهم، يعبث بعنقودِ عِنَبٍ مدلى من غُصْنِه، فذكر أحد النّدماء "الحجّاج بن يوسف" فقال "القبعثرى" وبيده عنقودُ العِنب المدلى من غُصْنه: قَطَع الله عُنُقَهُ وسقاني من دَمه.
فأبْلَغ أحدُ الوشاة كلمتَهُ إلى الحجّاج، فاستدعاه وقال له: أنت الذي قُلْتَ: قطع الله عنُقه وسقاني دمه؟
قال: نعم، وقد قَصَدْتُ عُنْقودَ العنب الّذي كان بيدي.
قال له الحجّاج: لأَحْمِلَنَّك على الأدهم (أي: لأُقيّدنَّكَ بالْحَدِيد) .
قال القبعثرى: مثْلُ الأمير يَحْمِل على الأدهم والأشهب (قاصداً من الخيل) .
قَال الحجّاج: قَصَدْتُ الحديد.
قال القبعثرى: لأنْ يكون حديداً خيرٌ من أن يكون بليداً.