للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبب الثالث: الاستغناء بما تعطيه اللّوازم الفكريّة لعبارة، عن ذكر كلامٍ ذي دلالات مباشرات تَدُلُّ بالمطابقة على هذه اللَّوازم.

***

أمثلة على "إيجاز الْقِصَر"

المثال الأوّل:

قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الزلزلة/ ٩٩ مصحف/ ٩٣ نزول) :

{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} . [الآيات: ٧ - ٨]

وصف الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا القول بأنَّه فَاذٌّ جَامعٌ، فقد روى البخاري عن أبي هريرة أنّ الرَّسول تحدث عن اقتناء الخيل فقسَّمها ثلاثة أقسام، وشرحها، وبعد ذلك سُئِلَ عَنِ الْحمُرِ فقال:

"مَا أُنْزِلَ عَلَيّ فيهَا إلاَّ الآيَةُ الْفَاذَّة الجامِعَة": {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الآيات: ٧ - ٨] .

جعل الآيتَيْنِ لترابطهما بمثابة الآية الواحدة، ووصفها بأنَّها فَاذَّةٌ، وَبِأَنَّها جامعة.

* أمَّا كونُها فاذّة فمعناه أنَّها منفردة فيما دلّت عليه من معنى، لم يأتِ في القرآن نظيرها بهذا الإِيجاز الجامع.

* وأمّا كونها جامعةً فمعناه أنَّها شاملةٌ عامّةٌ تتناول كُلَّ عَمَلٍ صغيراً كان أو كبيراً خيراً كان أو شرّاً، فهي من جوامع الكلم.

إنّ هذا البيان القرآني على قِصَرِه وقلَّةِ كلماته يَدُلُّ على مَعَانٍ يمكن أن تُفَصَّل وتُشْرَحَ بسِفْرٍ، لما جاء فيها من اختيار الألفاظ ذَواتِ الدلالات العامّات الشاملات.

<<  <  ج: ص:  >  >>