للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبت في البخاري أن الحمس، وهم قريش، كانوا يقفون بمزدلفة، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقف بعرفة (١).

واعلم أن الخلاف إنما هو فيما فيه التقليد جائز، وأما أصول الدين، فلم يكن فيها مقلدًا لأحد.

وقوله: "وتأصيلًا وتفريعًا" منصوبان على التمييز من اختيار الوقف، والمعنى لم نقل: بأنه كان متعبدًا، ولا لم يكن متعبدًا أصلًا.

وإن قلنا: إنه كان متعبدًا لا نفرع على إثبات التعبد التعيين بشرع.

وما ذكرناه إنما هو قبل النبوة، وأما بعده.

المختار: أنه لم يكن متعبدًا بشيء من الشرائع قال اللَّه: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨].

وقول إمام الحرمين، وابن الحاجب: كان يتعبد بما لم ينسخ على أنه موافق لا متابع، حاصله ما ذكرناه من عدم التعبد (٢).


(١) روى البخاري، ومسلم عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: "كانت قريش، ومن دان بدينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحمس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام أمر اللَّه نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يأتي عرفات، ثم يقف بها، ثم يفيض منها، فذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩] ".
راجع: صحيح البخاري: ٦/ ٣٤، وصحيح مسلم: ٥/ ٤٣.
(٢) يرى الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وبعض الشافعية، أن شرع من قبلنا شرع لنا، وذهب أكثر الشافعية، والأشاعرة، والمعتزلة، وأحمد في رواية إلى أن شرع من قبلنا ليس شرعًا لنا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>