للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا عارضة نص، فلا كلام، ألا ترى إلى حديث معاذ حين قال: "إنا لمؤاخذون بما تتكلم به ألسنتنا؟ " فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم" (١).

فإن معاذًا كان فهم أن ما لا ضرر فيه مباح على العموم.

قال الإمام في المحصول: إذا نهانا اللَّه عن بعض الانتفاعات [إنما يكون ذلك] (٢) لرجوع الضرر فيها إلى مجتاح آخر، إما في الحال، أو في الاستقبال، لكن ذاك على خلاف الأصل، فثبت أن الأصل في المنافع الإباحة (٣)، هذا خلاصة كلامه.

قوله: "مسألة: الاستحسان قال به أبو حنيفة".


(١) خرجه الإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه من رواية معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل رضي اللَّه عنه. وقال الترمذي: حسن صحيح.
قال ابن رجب: "وفيما قاله -رحمه اللَّه- نظر من وجهين:
أحدهما: أنه لم يثبت سماع أيى وائل من معاذ، وإن كان قد أدركه بالسن، وكان معاذ بالشام، وأبو وائل بالكوفة.
والثاني: أنه قد رواه حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن شهر بن حوشب عن معاذ. . . وشهر مختلف في توثيقه، وتضعيفه".
راجع: مسند أحمد: ٥/ ٢٣١، ٢٣٦ - ٢٣٧، وتحفة الأحوذي: ٧/ ٣٦٢ - ٣٦٥، وسنن ابن ماجه: ٢/ ٤٧٣ - ٤٧٤، وجامع العلوم والحكم: ص/ ٢٣٦.
(٢) سقط من (ب) وأثبت بهامشها.
(٣) راجع: المحصول: ٢ / ق/ ٣/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>