للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدُّعاء له مَعنَيان: دُعاء عِبادة، ودُعاء مَسأَلة، فقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] دُعاءَ مَسْألة، وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠]، هذا دُعاءُ عِبادة، وكذلك قوله تعالى: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: ٥٠]. أَيْ: ما عِبادتُهم إلَّا في ضَلال.

فالدُّعاء إِذَنْ: يَكون بمَعنَى دُعاء المَسأَلة، ودُعاء العِبادة، فقوله تعالى: {مَا يَدْعُونَ} يَشمَل المَعنيَيْن، يَعنِي: ما يَعبُدون، وما يَطلُبون منه الحوائِج.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ} بالياء والتاء] يَعنِي قِراءَتانِ سَبْعيَّتان: (وَأَنَّ مَا تَدْعُونَ)، {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ} وكِلاهما صحيح، لكن في قوله تعالى: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} خِطاب، ولا يَكون إلَّا للكافِرين، لأنَّ الخِطاب في مِثْل هذا لا يُمكِن أن يَكون للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا للمُؤمِنين من أصحابه.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} أي: منِ سِواهُ، وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [يَعبُدون] هذا فيه قُصور، والصواب: يَعبُدون ويَسأَلون، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} يَدعو يَعنِي: يَسأَل؛ {مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأحقاف: ٥].

فهنا يَنبَغي أن يُضاف: يَعبُدون ويَسأَلون.

وقوله تعالى: {مِنْ دُونِهِ} أي: مِن سِواهُ.

وقوله تعالى: {الْبَاطِلُ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [الزائِل] وهذا فيه نظَر، لأنَّ المُراد الباطِل يَعنِي: الذي لا خَيرَ فيه، ومنه حَديثُ: "أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالهَا الشَّاعِرُ

<<  <   >  >>