للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٩)]

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [لقمان: ٢٩].

* * *

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ} الهَمْزة هنا للاستِفْهام التَّقريريِّ: {أَلَمْ تَرَ} بمَعنَى: قد رأَيْت، فهو يُقرِّر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هذه القَضيةَ المُشاهَدةَ المَعلومة لكل أحَدٍ.

والخِطاب في قوله: {تَرَ} إمَّا للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أو لكُلِّ مَن يَصلُح للخِطاب. والمَعنَى الثاني أَشمَلُ وأعَمُّ؛ فتكون شامِلة لكُلِّ مَن يَصلُح له الخِطاب.

وقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ} أيها الرَّائَي المُخاطَب {أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ} يُدخِل {اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ} يُدخِله {فِي اللَّيْلِ}، وهذا الإيلاجُ والإِدْخال لا يَكون إلَّا بقُدْرة عَظيمة، يُولِج الليل في النهار، ويُولِج النهار في الليل، فهل المُراد إقبال الليل وإقبال النَّهار؛ لأنك ترَى الليل إذا أَقبَلَ يَدخُل سوادُه في النهار، فيَدخُل على النهار ويَطرُده، وترَى النهار أيضًا إذا أَقبَل يَلِج في الليل فيَطرُده؛ فيَكون هذا عِبارة عن تَقرير طُلوع الفجر وإقبال اللَّيْل.

وقد أَقسَم اللَّه تعالى بذلك في القُرآن الكَريم {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} [المدثر: ٣٣ - ٣٤]، ولا يُقسِم بشَيْء من المَخلوقات إلَّا لعِظَمه، فيَكون مَعنَى الإيلاج الإِدْخال به؛ أي: إدخال الليل بالنهار أو العَكْس عند كل صَباح وعند كل مَساء.

<<  <   >  >>