وقوله عَزَّ وَجَلَّ:{مَنْ يَشْتَرِي} مَعنَى الاشتِراء: الاختِيار، يَعنِي: مَن يَختار، وعبَّر عن الاختِيار بالاشتِراء إشارةَ إلى حِرْصهم على هذا الأَمرِ؛ لأن الاشتِراء إنما يَكون بالمُعاوَضة، فكأنهم لقُوَّة اختِيارهم هذا الشيءَ بذَلوا فيه أموالهم ليَنالوه.
وقوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} الفَرْق بين (يَشتَري) و (يَشْري) أن (يَشرِي) بمَعنَى: يَبيع، و (يَشتَرِي) بمَعنَى: يَبتاع، وعند الناس أن الشِّرَى هو الاشتِراء، وليس كذلك، قال اللَّه تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} يَشرِي نفسه يَعنِي: يَبيعُها، بدليل قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ}[التوبة: ١١١]، اشتَرَى أَنفُسهم فهم بائِعون.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَهْوَ الْحَدِيثِ} أي: ما يُلهِي منه عمَّا يَعنِي] {لَهْوَ} مُضافة إلى {الْحَدِيثِ} من باب إضافة الشيء إلى نَوْعه، فالإضافة على تَقدير (مِنْ) كما يُقال: ثُوبُ خَزٍّ، ثوبُ صُوفٍ، خاتَمُ حَديدٍ، خاتَمُ فِضةٍ، وما أَشبَه ذلك؛ فهي على