للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيتان (٨، ٩)]

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [لقمان: ٨ - ٩].

* * *

وهذه طريقة القرآن إذا ذَكَر آياتِ الوَعيد وصِفات مَن يَستَحِقُّون ذلك الوعيدَ، ذكَرَ بعدها آياتِ الوَعْد وصِفاتِ مَن يَستَحِقُّ ذلك الوَعدَ.

فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} والإيمان محَلُّه القَلْب، يَعنِي: آمَنوا بما يَجِب الإيمان به، وهو كما قال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكتُبهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" (١).

وقوله تعالى: {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يَعنِي: الأعمالَ الصالحاتِ، والعمل الصالِح هو كل ما جمَع بين شَرْطين: الإخلاص للَّه تعالى، والمُتابَعة للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يَدخُل في ذلك التَّرْكُ، فالذي لا يَزنِي لا نَقول: إنه عمِل.

إذَنْ: مجُرَّد التَّرْك في الحقيقة ليس بعمَل، لكن إذا اقتَرَن به نية صار عمَلًا؛ لأنه إذا اقتَرَنَت به النية صار كفًّا للنَّفْس، والكفُّ عمَل؛ ولهذا جاء في الحديث: "مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ حَسَنهً كَامِلَةً" (٢)، لكنه ذكَر عِلَّتها، فقال: "إِنَّهُ تركَهَا


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام، رقم (٨)، من حديث عمر -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه ابن منده في الإيمان رقم (٣٧٦)، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (٦٦٤٥)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>