قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ} السُّفُن {تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ} يا مخُاطَبِين بذلك {مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ} عِبَرًا {لِكُلِّ صَبَّارٍ} عن مَعاصِي اللَّه تعالى {شَكُورٍ} لنِعْمَته].
قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ} هذا الاستِفْهامُ للتَّقرير؛ لأن هذا أَمْرٌ مَرئِيٌّ، فلا يَسأَل عن ثُبوته، ولكن يُقرِّر ثُبوتَه، والخِطاب في قوله تعالى:{تَرَ} يَعود إمَّا للرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإمَّا لكُلِّ مَن يَصِحُّ منه الخِطاب، وهذا أَعَمُّ.
وقوله تعالى:{أَنَّ الْفُلْكَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [السُّفُن]، فكأنه حمَلَه على الجَمْع مع أنه يُحتَمَل أن يُراد به المُفرَد؛ لقوله تعالى:{تَجْرِي} والفُلْك كما سبَق كلِمة تُطلَق على الجمْع وعلى الواحِد قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ}[يونس: ٢٢]، فالفُلْك هنا للجَمْع، فقوله:{وَجَرَيْنَ} نونُ النِّسوة جَمْع، ولم يَقُل: وجَرَتْ، وأمَّا هنا أن (الفُلْك تَجرِي) فظاهِر الآية الكَريمة أن المُرادَ بها المُفرَد، إذ لم يَقُلْ:(ألَمْ ترَى أن الفُلْك يَجرِينَ)، ومع ذلك فالمُفرَد يُراد به الجَمْع من حيثُ المَعنَى؛ لأن الفُلْك ليس واحِدًا بالعَيْن، لكنه واحِدٌ بالجِنْس.