للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٤)]

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: ٣٤].

* * *

قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} مَعروفٌ أنَّ اللَّه -لفظ الجلالة- اسمُ {إِنَّ}، و {عِنْدَهُ} خبَر مُقدَّم، و {عِلْمُ} مُبتَدَأ مُؤخَّر، والجُمْلة خبَرُ (إنَّ) الجُمْلة الخبَرية فيها حَصْر، وهو مُستَفاد من تَقديم الخبَر، فقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ} يَعنِي: لا عندَ غيرِه {عِلْمُ السَّاعَةِ}.

ويَدُلُّ على هذا الحصرِ قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف: ١٨٧] حَصْر بقَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا} {إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} فلو أن مُدَّعِيًا قال: إن الحَصْر هنا في الخبَر لا في الجُملة كلها، قُلْنا: لكن الخبَر هو الذي دلَّ على انحِصار عِلْم الساعة باللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويَدُلُّ عليه ويُؤكِّده الآية التي ذكَرْناها؛ فإذا جاءَتْ مثل العِبارة هذه: {إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} فالمَعنَى: لا يَعلَمها إلَّا رَبِّي؛ كما إذا قُلْت: (إِنَّما القائِمُ زَيْد)، فمَعناهُ: لا قائِمَ إلَّا زَيْدٌ.

قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} متَى تَكون؛ وفي أيِّ وَقْت؛ ولا يَعلَمه إلَّا اللَّهُ تعالى؛ ولهذا سأَل جِبريلُ النبيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال: "أَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ "

<<  <   >  >>