قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} مَعروفٌ أنَّ اللَّه -لفظ الجلالة- اسمُ {إِنَّ}، و {عِنْدَهُ} خبَر مُقدَّم، و {عِلْمُ} مُبتَدَأ مُؤخَّر، والجُمْلة خبَرُ (إنَّ) الجُمْلة الخبَرية فيها حَصْر، وهو مُستَفاد من تَقديم الخبَر، فقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ} يَعنِي: لا عندَ غيرِه {عِلْمُ السَّاعَةِ}.
ويَدُلُّ على هذا الحصرِ قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي}[الأعراف: ١٨٧] حَصْر بقَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا}{إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} فلو أن مُدَّعِيًا قال: إن الحَصْر هنا في الخبَر لا في الجُملة كلها، قُلْنا: لكن الخبَر هو الذي دلَّ على انحِصار عِلْم الساعة باللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويَدُلُّ عليه ويُؤكِّده الآية التي ذكَرْناها؛ فإذا جاءَتْ مثل العِبارة هذه:{إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} فالمَعنَى: لا يَعلَمها إلَّا رَبِّي؛ كما إذا قُلْت:(إِنَّما القائِمُ زَيْد)، فمَعناهُ: لا قائِمَ إلَّا زَيْدٌ.
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} متَى تَكون؛ وفي أيِّ وَقْت؛ ولا يَعلَمه إلَّا اللَّهُ تعالى؛ ولهذا سأَل جِبريلُ النبيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال:"أَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ "