للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٦)]

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [لقمان: ٢٦].

* * *

قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الجُمْلة هنا خبَرِيَّة وفيها حَصْر، وطريقه تَقديمُ الخَبَر؛ لأنَّ تَقديمَ ما حَقُّه التَّأخير يُفيد الحَصْر، فـ {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} يَعنِي: لا لغيرِه، بل هو له وحدَه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وقوله تعالى: {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} أي: ما كان فيها، {وَالْأَرْضِ} كذلك، وأَتَى بـ (ما) التي لغير العاقِل؛ لأنه يُراد بها مِلْك الذَّوات والصِّفات، وإذا أُريد بها مِلْك الذوات والصِّفات أُتِيَ بـ (ما)؛ لأنَّها أَكثَرُ؛ فإن كلَّ ذاتٍ لها صِفة، وأيضًا ليس كلُّ الذوات عاقِلة، بل الدوابُّ والبَهائِمُ وشَبَهها من قَسْم غير العاقِل.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مِلْكًا وخَلْقًا وعَبيدًا] والمِلْك يَشمَل مِلْك الذوات، والتَّصرُّف في هذه الذواتِ؛ ولهذا قال: [وعَبيدًا] والمُراد بالعُبودية هنا العُبُودِية العامَّة دون الخاصَّة؛ لأنَّ العُبودية الخاصَّة تَختَصُّ بالطائِعين الذين تَذلَّلوا للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى طاعة بالمَعنَى الشَّرْعي، وأمَّا العِبادة العامَّة فهي تَشمَل كل الخَلْق؛ لأنَّ جميع الخَلْق مُتذلِّل للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى باعتِبار الكَوْن.

<<  <   >  >>