والتَّقديرُ: لا أحَدَ يَستَطيع أن يُعارِض قَضاء اللَّه تعالى وقَدْره؛ لكن الكُفَّار يَستَطيعون أن يُعارِضوا شَرْع اللَّه تعالى؛ ولهذا عارَضوا وأَنكَروا الشَّرْع واستكْبَروا عن الحقِّ.
قال المفسر رَحِمَهُ اللَّهُ:[فلا يَستَحِقُّ العِبادة فيهما غيرُه] في السَّموات والأرض لا يَستَحِقُّ العِبادة إلَّا اللَّه تعالى؛ لأنه بمُقتَضى العَقْل والفِطْرة: أنَّ المالِك الخالِق المُدبِّر يَجِب أن يَكون هو المَعبودَ؛ ولهذا يَستَدِلُّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على وُجوب العِبادة بالرُّبوبية:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}[البقرة: ٢١]، وتَقدَّم قوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}، وهذا ظاهِر أنَّ مَن له الخَلْق يَجِب أن تَكون له العِبادة وحدَه.
قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} عن خَلْقه {الْحَمِيدُ} المَحمود في صُنْعه] الجُمْلة هنا استِئْنافية؛ لبَيان ما للَّه عَزَّ وَجَلَّ من هَذَيْن الاسمَيْن، وما تَضمَّناه من الصِّفة؛ وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ} الضَّمير ضَمير فَصْل، ولضَمير الفَصْل ثلاثُ فَوائِدَ:
الفائِدةُ الأُولى: التَّوكيدُ.
والثانيةُ: الحَصْر.
والثالِثة: التَّمييز بين الخبَر والصِّفة.
فإذا قُلْت: زيدٌ الفاضِل. فـ (زَيْد) مُبتَدَأ، و (الفاضِل) يُحتَمَل أن تَكون صِفة لـ (زَيْد)، وأنَّ الخبَر لم يَأتِ بعدُ، وأن التَّقدير: زَيْدٌ الفاضِل مَحبوبٌ مثلًا، فإذا قلت: زَيْد هو الفاضِل. لا يُحتَمَل أن يَكون صِفة، بل يَكون خبَرًا؛ ولهذا سُمِّيَ ضَميرَ فَصْل.