للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [عن خَلْقه] وهو كذلِكَ: غَنِيٌّ في نَفْسه غَنِيٌّ عن غيره؛ فهو غَنِيٌّ في نَفْسه؛ لكَثْرة ما عِنده، لأن كل شيء فهو للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذا تَمام الغِنى، وهو غَنيٌّ عن خَلْقه؛ فلا يَحتاج إلى أحَد؛ والدليل قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧].

أمَّا مَن سِواه فإنه مُفتَقِر إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قبل كلِّ شَيْء، ثُمَّ إن الناسَ بعضهم مُفتَقِر إلى بعض، كما قال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: ٣٢]؛ فالناس بعضُهم إلى بَعضٍ في حاجة، بل في ضَرورة أحيانًا، والجميع إلى اللَّه تعالى في حاجة وضَرورة.

أمَّا الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ فإنه في غِنًى عن غيره، كما أنه غَنِيٌّ بنَفْسه أيضًا.

إِذَن: غِناه يَتَضمَّن شَيْئين: الغِنَى الذاتي، بمَعنى: كَثْرة ما يَملِكه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إذ كلُّ شيء فهو مِلْكه، الثاني: الغِنَى عن الغير، بحيثُ لا يَحتاج إلى أحَد، وغيره مُحتاج إليه.

وقوله تعالى: {الْحَمِيدُ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [المَحمود في صُنْعه] فقَصَّر في التَّقْدير من وَجْهين:

الأوَّل: قال الحميد بمَعنَى: المَحمود، والصحيح: أنها بمَعنَى: المَحمود والحامِد، فهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حامِدٌ مَن يَستَحِقُّ الحمد، وما أَكثَرَ الثَّناء على مَن يَستَحِقُّون الثَّناء في كتاب اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو كذلك محَمود على كَمال صِفاته وتمَام إنعامه، فيُحمَد على أمرين: على كَمال صِفاته، وعلى تَمام إِنْعامه.

الوجهُ الثاني ممَّا قصَّر فيه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: أنه قال: [المَحمود في صُنْعه].

<<  <   >  >>