وقوله تعالى:{قِيلَ} هذه مَبنيّ للمَجهول، فالقائِل: اللَّه تعالى، أو الرَّسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو المُؤمِنون، كل هذا يُمكِن أن يَكون؛ قال اللَّه تعالى:{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}[الأعراف: ٣]، والنبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يحثُّ الأُمَّة على اتِّباعه، والمُؤمِنون كذلك يَدْعون الناس إلى اتّباع ما أَنزَل اللَّه تعالى، فيَكون هنا حُذِف الفاعِل لإرادة العُموم:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ}، فهذا أَعَمُّ ممَّا لو قال:(وإذا قال اللَّه لهم، أو: وإذا قال لهم الرسول، أو: وإذا قال لَهُمُ المُؤمِنون)؛ فقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ} يَكون أَشمَلَ.
وقوله تعالى:{اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}: {مَا} مَفعول {اتَّبِعُوا}، و {أَنْزَلَ اللَّهُ} المُراد به القُرآن لا شَكَّ؛ لأنَّ اللَّه تعالى أَنزَله؛ وأمَّا السُّنَّة فقال تعالى:{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}[النساء: ١١٣]، قال العُلَماءُ رَحِمَهُم اللَّهُ: الحِكْمة هي: السُّنَّة، إِذَنْ {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} من القُرآن ومن السُّنَّة؛ لأنَّ السُّنَّة وَحْي إن كان اللَّه تعالى أَوْحاها إلى رسوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وإلَّا فإِقْراره سبحانه إيَّاها بمَنزِلة الوَحْي؛ ولهذا قال العُلماءُ رَحِمَهُم اللَّهُ: إنَّ إقرار النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمَنزِلة قوله.