للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١٤)]

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: ١٤].

* * *

ثُمَّ قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ}، هذه الجُملةُ ليسَتْ مِن كلام لُقمانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بل هي مِن كلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فهي مُعتَرِضَة بين كلام لُقمانَ الأوَّلِ، وكلام لقمان الثاني؛ لأنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى دائِمًا يَقرُن حقَّ الوالِدين بحَقِّه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣] {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الأنعام: ١٥١].

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} أَمَرْناه أن يَبَرَّهما] ففَسَّر المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ الوَصِيَّةَ بالأَمْر، ولكنها أَخَصُّ مِن الأمر المُطْلَق، فالوَصيةُ عهْدٌ بما يَنبَغي الاعتِنَاءُ به، ليسَت مجُرَّد أَمْر، بل هي عَهدٌ بما يَنبَغي الاعتِناءُ به، ولا شكَّ أنَّ بِرَّ الوالدَين مما ينبغي الاعتناء به.

وقوله: [أن يبرَّهما] لو قال: (أن يُحسِن إليهما) لكان أَوْلى؛ لأن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول في آية أخرى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف: ١٥] ولكن المُفَسِّر فسَّره بالبِر؛ لأنَّ البرَّ من الإحسان.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ} كُلَّما كَبُر الجنِين كَانَ ذَلك أشدَّ وأعظَم،

<<  <   >  >>