للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَقدير (مِنْ) وهكذا كلَّما أُضيف الشيء إلى نَوْعه فالإضافة فيه على تَقدير (مِنْ).

إِذَنْ: {لَهْوَ الْحَدِيثِ} أي: لَهْوًا من الحديث، واللَّهْو كل ما يُلهَى به، والذي يُلهَى به أَغلَبُ ما يَكون في الشيء الباطِل، وقد يُلهَى بالخير عن الشَّرِّ، لكن أكثَر ما يُطلَق اللهو في مَقام الذَّمِّ، وكل لَهْوٍ يَلهو به ابنُ آدَمَ فهو باطِل، إلَّا مُداعَبة أهله، وتَرويض فرَسه، وما أَشبَه ذلك ممَّا يَكون فيه مَصلَحة، وإلَّا فإن الأصل أن ما يُلهَى به باطِل.

والذي يُلهَى به نوعان: حديثٌ وهو القول، والثاني: فِعْل. أي: حرَكات، واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذكَرَ هنا لهوَ الحديث فقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي: ما يُلهَى به عمَّا يَعنِي] كل ما يُلهَى به عمَّا يَعنِي فهو مِن لَهْو الحديث، وأمَّا ما يَعنِي الإنسانَ ولكن يَلهو بالمَفضول عن الفاضِل، فليس هذا من لَهْو الحديث؛ لأن له فائِدةً في اللَّهْو في المَفضول، لكنها فائِدة ناقِصة، ولا شكَّ أن الأقوال مَراتِبُ كما أن الأفعال مَراحِلُ، فلو تَلهَّى الإنسان بحديث فيه فائِدة عن حديثٍ أَفيَدَ منه، فليس هذا من لَهْو الحديث؛ لأن فيه فائِدةً، ليس مجُرَّد لَهْوٍ يَلهو به الإنسان، وإذا كان فيه فائِدة فإننا نَقول لهذا الرجُلِ: إن اختيارك للمَفضول عن الفاضِل يُعتَبر سُوء تَصرُّف منك، والذي يَنبَغي أن تَلهو بالأفضل عن المَفْضول.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [(لِيَضِلَّ) بفَتْح الياء وضَمِّها] وأمَّا الضادُ فهي مَكسورة على القِراءَتَيْن: (ليَضِلَّ) أي: هو، و {لِيُضِلَّ}، أي: يُضِلُّ غيره. وفائِدة القِراءَتين هنا اشتِمال هذا الكلِمةِ على المَعنيَيْن، وهُما: الضلال بنَفْسه وإضلال غيرِه.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} طريق الإسلام] والصَّواب أن يُقال:

<<  <   >  >>