للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(طريق اللَّه وهو الإِسْلام)؛ فسَبيل اللَّه تعالى طريقه المُوصِّل إليه، والذي وضَعه هو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو الإسلام، فسُمِّيَ سبيل اللَّه أو طريق اللَّه؛ لأنه مُوصِّل إليه، ولأنه سبحانه هو الذي وضَعَه وشرَعه لعِباده؛ ويُطلَق على سبيل المُؤمِنين كما قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥].

ولا تَنافيَ بين الإضافَتين فهو مُضاف إلى اللَّه تعالى؛ لأنه مُوصِّل إليه، وهو الذي وضعه وشرَعه، ومُضاف إلى المُؤمِنين؛ لأنهم همُ الذين يَسلُكونه، ومثله: الصِّراط، أُضيف إلى السالِكين في قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، وأُضيف إلى اللَّه؛ لأنه الذي شرَعه ووضَعَه لعِباده: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: ١٥٣]، {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: ٥٢ - ٥٣].

قوله تعالى: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} هذا لا يَعنِي أن هناك لَهْوًا يَضِلُّ به الإنسان بعِلْم، فهي إِذَنْ: صِفة كاشِفة مُبيِّنة لحقيقة الأَمْر، أي: أن فِعْله هذا ناشِئٌ عن الجَهْل باللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وعن الجَهْل بشَرْعه، وعن الجَهْل بحقيقة ما خُلِق له، إذ كيف تَتَلهَّى بأَمْر لا تَستفيد منه؟ ! هذا جَهْل بما يَنبَغي أن تَعلَمه؛ لتَعتَبِر به.

ولم يُمثِّل المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ، لكن كثيرًا من المُفسِّرين قال: إن المُراد بلَهْو الحديث هو الغِناء، وممَّن قال بذلك ابنُ مَسعود (١) -رضي اللَّه عنه-، وكذلك ابنُ عبَّاس (٢) -رضي اللَّه عنهما-، وجماعة، حتى إن ابنَ مَسعود -رضي اللَّه عنه- يَحلِف فيَقول: واللَّهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١١/ ١٠١)، والطبري في تفسيره (١٨/ ٥٣٤)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٤١١).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١١/ ١٠١)، والبخاري في الأدب المفرد رقم (٧٨٦)، والطبري في تفسيره (١٨/ ٥٣٥).

<<  <   >  >>